24٬451
0
عنوان الفتوى حكم استخدام الترامادول السؤال : أرجو من سيادتكم التكرم بتوضيح رأي الدين مكتوبًا بشأن بيع عقار الترامادول دون تذكرة طبية لمن لا يستحق العلاج به، وتوضيح رأي الدين أيضًا فيمن يشتريه ويستخدمه بشكل عشوائي دون الحاجة الطبية الملحة إليه، نرجو توضيح ذلك خاصة وأن هذا العقار يندرج تحت بند الجواهر المخدرة مثل المورفين (وهو أحد مشتقات الأفيون)؛ وذلك بعد انتشار استخدامه دون الحاجة إليه بشكل ملفت وخطير مما يترتب عليه الإضرار بالأمن العام للبلاد وبصحة المواطنين. علمًا بأن الآثار الجانبية الضارة للإفراط في استخدام الترامادول أو تعدي الجرعات المسموح بها هي:
– خمول في وظائف الجهاز الهضمي مما يؤثر سلبًا على الهضم وتقليل الحركة الدورية للأمعاء.
– دوار وغثيان وقيء.
– صعوبة في التبول خاصة مع الجرعات الزائدة.
– بطء ضربات القلب وانخفاض ضغط الدم.
– قرح في المعدة مع الجرعات الزائدة والاستخدام المفرط.
– زغللة وصعوبة في الرؤية مما يؤثر بالسلب على الأنشطة اليومية خاصة إذا كان المتعاطي من السائقين أو ممن تستلزم أعمالهم اليقظة لفترة طويلة أو استخدام الآلات.
– صعوبة في التنفس؛ لأنه يسبب تثبيطًا للجهاز التنفسي.
– رعشة وتشنُّجات مع الجرعات الزائدة.
– خلطه مع الأمفيتامين خاصة في الأنواع المتداولة ومجهولة المصدر يزيد من حدوث التشنجات.
– تناوله مع أدوية علاج قرحة المعدة يطيل من وجود الدواء في الجسم ويزيد من آثاره الجانبية.
– تناوله مع مضادات الاكتئاب المعروفة بـــــــ SSRI ومضادات MAO والمورفين ومشتقاته تزيد من حدوث التشنجات.
– تناوله مع الكحوليات يثبط الجهاز العصبي.
– الجرعات الزائدة تؤدي إلى هبوط في الجهاز العصبي والجهاز التنفسي وإغماء وتشنجات وقد تؤدي لتوقف عضلة القلب ومن ثم الوفاة.
– تناول الترامادول للغرض الجنسي لمعالجة سرعة القذف قد يفيد، لكن مع الاستخدام المتكرر يؤدي إلى تثبيط الرغبة الجنسية، وإضعاف الانتصاب، كما يؤدي الترامادول إلى حدوث تشوهات وأضرار بالحيوانات المنوية؛ وبالتالي تشوهات في الأجنة.
الجـــــــــــــــــــــــــــواب: دار الافتاء المصرية
من الأسباب التي حرم الشرع من أجلها تناول بعض الأعيان أن يؤدي تناولُها إلى تغييب العقل سواء أكان ذلك بالإسكار أم بغيره من التأثيرات التي تفقد الإنسان السيطرة على عقله، وقد ثبتت حرمة الخمر بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: 90] ، والمخدِّرات حكمها في الشريعة حكمُ الخمر؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ» أخرجه مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
كما أن كل ما يؤثر على صحة الإنسان سلبًا فتناوُلُه حرام؛ إذ من المقرر شرعًا أنه لا ضرر ولا ضرار، ومعرفة الضرر يُرجَع فيها إلى المتخصصين، وتناول الأدوية مرهون بمشورة الأطباء، خاصة إذا كان للدواء آثار سلبية تنتج عن سوء الاستخدام أو كثرته، وعمل الصيدلي لا يقتصر على بيع الدواء؛ بل يلزم أن يكون متقنًا لمهنة الصيدلة، متمكنًا منها: بمعرفة استخدامات كل دواء، وجرعاته، وآثاره الجانبية، ومحظورات استخدامه، وتقاطعاته الدوائية، وتركيبه الكيميائي، وكيفية تأثيره. ويقوم الصيدلي بمساعدة المرضى على فهم آلية عمل الدواء في السيطرة على المرض وعلاجه, ويشرح لهم الطريق الصحيحة لتناول جرعات الدواء وحفظه. كما أن عليه أيضًا دورًا مهمًّا في ملاحظة الأدوية المؤثرة على الحالة النفسية والتي قد تكون وسيلة للإدمان، وأن يلتزم باللوائح المنظمة لصرفها فلا يصرفها إلا بوصفات طبية معتمدة؛ أي أن عمله متمم لعمل الطبيب في استكمال العلاج، والتهاون في ذلك مظنة إيصال الضرر بالمريض، وقد نص الفقهاء على تحريم الاشتغال بالطب والتداوي لمن لا علم له به.
ولأجل ذلك كان تفريط الصيدلي في قيامه بعمله مؤديًا إلى عدم استكماله مسيرةَ العلاج الصحيحة؛ مما يلحق الضرر بالمريض، فيفرط بذلك في الأمانة التي حمَّله الله تعالى إياها.
فإذا ثبت أن تناولَ دواءٍ ما مسموح به في حدود معينة، وأن الإفراط فيه يدخله ضمن الممنوعات التي تسبب الضرر المحض للإنسان؛ خاصة تلك الأدوية التي تقرر منع صرفها من غير وصفة طبية معتمدة (روشتة)، وأن على الصيدلي -في لوائح مهنته وتنظيماتها- أن لا يبيع بعض الأدوية إلا بالتذكرة الطبية؛ للضرر الناجم عنها بسوء استخدامها أو كثرته، فإن أمانة الصيدلي تقتضي أن يلتزم بآداب مهنته وضوابط عمله وأن لا يبيعه لكل أحد؛ حتى لا يكون سببًا في الإضرار بالناس ومتسببًا في الفساد الذي يصدر عمن تناول هذه الأدوية بجرعات زائدة عما هو مقرر طبًّا، والصيدلي ليس مجرد بائع للدواء، وإلا لزاول البيعَ فيها كلُّ أحد حتى لو لم يكن مُؤَهَّلًا، وإنما أقام اللهُ الصيادلة في استكمال علاج الناس وتخفيف آلامهم.
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فما دام لهذا الدواء (الترامادول) استخدامات ممنوعة غيرُ مصرَّح بها رسميًّا، وكان مندرجًا تحت بند “الجواهر المخدِّرة”، ولم يكن مسموحًا في لوائح العلاج وتعليماته أن يُصرَف بغير وصفة طبية معتمدة؛ لثبوت إضراره البالغ بالصحة عند عدم الالتزام بالمقررات الدوائية، فإنه يُمنَع صرفُه شرعًا؛ لتعلقه بضرر الآدميين، وقد عُلِم من قواعد الشريعة شدةُ تحرِّيها في منع ما يؤثر بالسلب على صحة الإنسان ويضر بها، والبيع وإن كان في نفسه جائزًا إلّا أن الشريعة منعت منه إذا كان سيؤدِّي إلى الفساد أو الإفساد؛ كبيع السلاح في الفتنة؛ سدًّا للذريعة وحسمًا لمادة الفساد، وسدُّ الذرائع وإن كان غير مُتَوَسَّع فيه عند المجتهدين إلا أنه يقوى العمل به إذا تعلق بالمحافظة على واحدة من الكليات الخمس؛ وهي الدين، والنفس، والعرض، والعقل، والمال. وكذلك تقع الحرمة أيضًا على مَن يشتري هذا الدواء ويستخدمه بشكل ضارٍّ.
والله سبحانه وتعالى أعلم